الثلاثاء، 8 سبتمبر 2009

خطاب صاحب الجلالة إلى الشعب 26-11-1975

الحمد لله رب العالمين وبه نستعين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين.
أيها الإخوة المواطنون..
طابت أوقاتكم وأيامكم سعيدة وعيدكم مبارك وكل عام نلتقي تحت ظلال المحبة والإخاء، يدفعنا إلى الأمام عزم متجدد لبناء وطننا الحبيب.إن من دواعي سروري أن أتحدث إليكم عبر شاشة التلفزيون العماني الملون في هذه المناسبة العزيزة علينا جميعا فنحن الآن نحتفل بالذكرى الخامسة للعيد الوطني ومعنى هذا أننا نقف وقفة على الطريق نتبين فيها ما تم من انجازات استطعنا بعون الله أن نحققها لبلادنا وشعبنا، وهنا نقول:
ونحن نحمد الله تعالى أن وفقنا إلى عديد من الانجازات الكبيرة تبدو ماثلة للعيان تعلن عن نفسها وتعبر بمنتهى الوضوح عن ثمار العمل المتواصل الحثيث والتصميم الأكيد أن شعبنا منذ انطلاقته في يوليو عام 1970 قد عزم الدخول في سباق مع الزمن مهما كانت التحديات، فقد استطعنا بالعزم كسر طوق تلك التحديات ووضعنا بلادنا في مصاف الدول الحديثة في الداخل والخارج والحمد لله على حسن التوفيق.أيها الإخوة.. أود أن ابدأ بالحديث عن رجال قواتنا المسلحة جند عمان درع الوطن وحماة ترابه المقدس.
إن البلاد- أي بلاد- لا يمكن يسودها السلام والاستقرار ولا يمكن أن تنعم بخيراتها وانجازاتها إذا لم يحميها جيش قوي يرد عنها الأعداء ويصون مكاسبها من هنا كان اهتمامنا بتطوير الجيش كبيرا وأنفقنا على تزويده بالأسلحة كثيرا حتى نستطيع اليوم القول وفي هذا الظرف اليسير من الزمن أن قواتنا المسلحة في البر والبحر والجو تعد من الجيوش الحديثة في المنطقة، وان أمن الوطن ورخاءه قد توفر بفضل الله.ويأخذني الحديث الجيش إلى المنطقة الجنوبية من عمان حيث كان يصارع عصابات البغي والإرهاب ويطاردهم فوق الجبال وبين الأودية ويضحي بالنفس في سبيل تطهير الأرض من رجسهم.كان الصراع شاقا ومريرا، ومطاردة العصابات عملية تختلف عن العمليات العسكرية التي تدور بين الجيوش ومع ذلك انتصر الحق على فلول الباطل وحلت مشاريع الإعمار محل الخراب والدمار.
ولو القينا نظرة على الوضع الآن في كثير من القرى بجبال ظفار نرى أن كثير من 10 مدارس قد فتحت الآن وان هذه القرى أصبحت تنعم بالخدمات الصحية ومختلف التجهيزات الضرورية آمنة مطمئنة، وإذا عدنا بالذاكرة إلى يوليو 1970 حيث لم تكن في ظفار سوى مدرسة واحدة نجد اليوم أن عدد المدارس يصل نهاية العم إلى 32 مدرسة موزعة بين المدن والقرى، كذلك في المجال الصحي فانه علاوة على الزيادة المضطرة في عدد الأسرة بمستشفى ظفار فقد استحدث قسم للأمراض الصدرية، وسيكون الانجاز الأكبر في ميدان الصحة يوم افتتاح المستشفى الجديد الذي يشيد الآن ليتسع ثلاثمائة سرير.أما بالنسبة للمواصلات فان طريق صلالة-ثمريت وطوله 83 كم الذي يمر عبر الجبال قد تم تعبيده وأصبح شريانا حيويا بالنسبة للحياة لاسيما في فصل الأمطار.هذا وقد تم رصف طريق طاقة- المعمورة مع شبكة الطرق الداخلية لمدينة صلالة ويبلغ طوله 26 كيلو مترا.
أما الطرق الداخلية لمدينة صلالة فطولها 25 كيلو مترا.ولم يقتصر مد شبكة الطرق لتربط بين المدن بل إن طرقا فرعية قد امتدت في الجبال لتربط بين مختلف القرى والتجمعات السكانية..
مثلا قيرون- حيرتي- جبجات طوله 60 كيلومتر، طريق مدينة الحق وطوله 10 كيلومترات، طريق عين أرزات- شنهيب طوله 10 كيلومترات، طريق طاقة- طوي عتير طوله 24 كيلومتر، طريق طاقة- مدينة الحق 20 كيلومتر، طريق حلوف طوله 20 كيلومتر، طريق فيرون حيرتي- حجيف طوله 5 كيلومترات.وبالإضافة إلى ما تقدم فقد تم حفر 40 بئرا في النجد وفي الجبل وفي سهل صلالة بغية توفر المياه للمواطنين ولمواشيهم وتمشيا مع الأمن والاستقرار الذي شمل المواطنين في الجبال والسهول معا.
كل هذا وغيره قد أنجز على أرض المنطقة الجنوبية بفضل الله وعونه وبفضل التعاون المخلص بين قواتنا المسلحة وفرقنا الوطنية والمواطنين المخلصين في قمع الإرهاب والتخريب ونشر الأمان بين الأهالي ليعيشوا حياة طيبة..أما أولئك المخدوعون المتسللون من وراء الحدود فان أصواتهم أعلى من أحجامهم وقافلتنا تسير إلى الأمام نبني بيد ونحمل السلاح باليد الأخرى ولا تزال أيدينا تمتد لكل من يبغي الخير، ومن جاء بالشر فلا يلقى إلا شرا.أيها الإخوة المواطنون..إننا نواصل مسيرتنا ونتطور مع الزمن بكافة نواحي الحياة. في ميدان التعليم في السلطنة ككل فتحت 65 مدرسة جديدة وزاد عدد الفصول 485 فصلا يقابلها زيادة في عدد المدرسين بلغت 920 معلما وإداريا ومعنى هذا أن لدينا الآن 176 مدرسة يدرس فيها قرابة 50 ألف طالب وطالبة بجانب ذلك أتيحت فرصة التعليم للكبار الذين فاتهم العلم في الصغر وفتحت مراكز مسائية 182 مركزا للرجال تضم 1584 دارسا و6 مراكز للنساء تضم 575 دارسة ولكن لكي يمكن الحصول على خبرات عمانية فإننا نوفد أبناءنا للدراسة في الخارج ويوجد 59 طالبا في أمريكا بعد أن أتموا دورات في اللغة الانجليزية في بريطانيا وهم الآن يدرسون في جامعات الولايات المتحدة كما رشح 91 طالبا للعام الدراسي 75/76 للدراسة في أمريكا أيضا، وجمهورية مصر والمملكة العربية السعودية ودولة قطر والجمهورية العربية السورية.إننا نهدف إلى نشر التعليم في جميع أنحاء السلطنة، لكي ينال كل نصيبه في التعليم وفق قدراته، كما نعمل على وضع خطة للقضاء على الأمية ونركز بصورة خاصة على التعليم المهني والتعليم العالي حتى نلبي حاجة البلاد من القوى البشرية العمانية المدربة وتبذل جهود في سبيل "تعمين" المناهج في مختلف المراحل التعليمية والتوسع في الخدمات التعليمية في المراحل الدراسية المختلفة وخاصة المرحلة الابتدائية..
وتوفير المدارس الإعدادية والثانوية في مراكز المناطق التعليمية المختلفة.وفي خطط المستقبل إنشاء معهد تأهيل للمعلمين العمانيين قبل الخدمة وأثناءها للعمل في المدارس الابتدائية، وإنشاء مدرسة ثانوية زراعية بنزوى، وإنشاء ثلاث مدارس ثانوية فنية- تجارية- زراعية – صناعية وأربع مدارس إعدادية ثانوية ومعهدين لإعداد المعلمين والمعلمات إلى جانب مواصلة بناء المدارس الابتدائية في المناطق التي لم تشملها المدارس الابتدائية حتى الآن.والاهتمام بإيفاد البعثات من خريجي المدارس الثانوية إلى الجامعات والمعاهد العليا في الدول الصديقة المختلفة.وبما أن العقل السليم في الجسم السليم والصحة حق لكل مواطن فقد وجهنا اهتمامنا منذ يوليو 1970 إلى النهوض بالمستوى الصحي للإنسان العماني وحتى العام الماضي أنشئت في السلطنة 13 مستشفى، 11 مركزا صحيا، 3400 مستوصف، كلها مزودة بأحدث التجهيزات والخبرات المختصة، وبذلك عمت الخدمات الطبية كثيرا من مناطق السلطنة.وفي مجال التوسع هذا العام ظهر المجمع الصحي بصلالة، ومجمع الصحة العام في صحم وفي العاصمة أنشئت وحدة لرعاية الطفولة والأمومة، كذلك فقد أنشئت وحدات صحية في كل من خصب، الجبل الأخضر، صور، قريات، الخابورة.كما فتحت هيئة الصحة العالمية مكتبا لها في السلطنة يربطها بالهيئات الصحية العالمية والاستفادة منها.وبما أن الوقاية خير من العلاج فان الاهتمام أيضا كان بالطب الوقائي والتحصين ضد الأمراض المعدية لا سيما تلك التحصينات الدورية التي ساعدت على تخفيض نسبة الإصابة بالأمراض المعدية وحسنت صحة تلاميذ المدارس الذين يتمتعون بالإشراف الصحي المستمر.وفي هذا العام أيضا شمل التوسع 10 إنشاء مستوصفات جديدة لتقديم الخدمات الوقائية والعلاجية في كل من الحبي، مدحا، شناص، ينقل، قريات، الخوف، جبل الغاف، محضة، البريمي، العوابي، المعمورة، وادي بني رواحه.وفي دور التشييد يجري العمل حاليا في توسيع مستشفى النهضة وبناء المستشفى الكبير في صلالة، كما ذكرنا آنفا بالإضافة إلى مستوصف طبي في عبري.. ولكي يرتفع مستوى الكفاءة للعاملين في ميدان الصحة فقد تم تدريب 228 من الشباب العماني، في المراكز الصحية داخل وخارج السلطنة على مختلف الأعمال الوقائية ومكافحة الأمراض والإسعافات الأولية.هذا وقد استحدث هذا العام في مستشفيات السلطنة تخصصات لم تكن موجودة من قبل وهي لعلاج الأمراض النفسية والأمراض الجلدية والسمعية وتستقدم السلطنة بين وقت وآخر عددا من الأخصائيين لعلاج الحالات المستعصية داخل السلطنة، تشمل كل المناطق أو توفد المرضى بتلك الحالات للعلاج في الخارج وهناك اتفاق مع أخصائيين في جراحة الأعصاب وجراحة الأمراض الصدرية وجراحة التجميل ليزوروا السلطنة بغية الاستفادة من خبراتهم.أيها الإخوة:عمان اليوم غيرها بالأمس فقد تبدل وجهها الشاحب ونفضت عنها غبار العزلة والجمود، وانطلقت تفتح أبوابها ونوافذها للنور الجديد تعلن للعالم عن اتصال مباشر تتفاعل مع تطوره وتتأثر بمجرياته.ومن هنا كان اهتمامنا بالمواصلات لما لها من اثر كبير على تقدم الشعوب ورقيها.. وخلال الأربع سنوات الماضية تمت انجازات هامة عديدة في قطاع المواصلات.. واليوم نحن في عصر الأقمار الصناعية عصر الفضاء فقد تم تشغيل محطة الأقمار الصناعية بالوطية في بداية هذا العام، وباحتفالاتنا بالعيد الوطني الخامس، ستفتح محطة أخرى للأقمار الصناعية وهي اكبر من السابقة بوادي عدي وذلك تسهيلا لاتصال السلطنة ببقية أرجاء العالم، كما تعمل هذه المحطة على بث البرامج الإذاعية والتلفزيونية من والى السلطنة.وفي هذه الاحتفالات يفتح مبنى البريد المركزي بروي، وطريق روي والبستان..
أما مبنى المواصلات السلكية واللاسلكية في بيت الفلج فقد تم افتتاحه قبل ثلاثة أشهر، كما تم العمل في طريق السيب نزوى الذي يبلغ طوله 149 كيلو مترا.وتم أيضا توسيع مرصف طائرات بمطار السيب الدولي. وهناك انجاز هام كبير عملنا على انجازه لنسد الحاجة المتزايدة في منطقة العاصمة والمناطق المجاورة لاستهلاك الطاقة الكهربائية والماء فمع بداية العام الماضي أمرنا بإنشاء محطة تحليه مياه البحر وتوليد الكهرباء بالغبرة.إن هذا المشروع سيعطي في العام القادم 27 ميغاوات.وفي نفس الوقت تنتج هذه المحطة 6 ملايين جالون يوميا من الماء العذب. والمحطة الآن جاهزة للعمل.وتحت التنفيذ الآن الطريق الجديد بين مسقط ومطرح، والطريق المزدوج بين روي والسيب، وطريق المصنعة- الرستاق، وطريق بدبد، وطريق صلالة- ثمريت، وطريق مطرح- قريات، وطريق القرم ومشروع كهرباء القرى.ومشروع تعمير مطرح الكبرى، وتطوير منطقة مسندم وإنارة طريق مسقط- مطرح والأعمال المدنية لمشروع الكهرباء ومشروع أنابيب المياه في القرم ومطار صلالة والهاتف الآلي لساحل الباطنة والطريق الداخلية وحفر الآبار ومباني حفظ الغلال.أيها الإخوة المواطنون.. إنني سعيد بالحديث إليكم، وتكون السعادة أكمل حينما يكون الحديث عن عمان وما قدمناه لها وفاء وعرفانا بحقها علينا، فترابها مقدس وأرضها معطاء وشعبها عريق تدفعه إرادة العمل، من اجل عزة الوطن وكرامته وتقدمه وازدهاره.أيها المواطنون: إن المجتمعات لا تتطور إلا إذا كانت هناك رعاية اجتماعية قائمة على الدراسات العملية ، وناتجة عن البحوث الفنية والتجاربالتطبيقية ، ولقد أولينا عنانتنا هذه الناحية ، من خلال قانون اختصاصات وزارة الشؤون الاجتماعية و العمل ،التي تتحمل بالإضافة إلى الرعاية لاجتماعية مسؤولية تنظيم العلاقات بين العمال وأصحاب العمل ،وفي نفس الوقت فإن الوزارة ترجع إليها رعاية الشباب العماني ،وما يتعلق بذالك من نشاطات رياضية وثقافية ووضع اللوائح والقوانين التي تنظم أندية الشباب، شبابنا العماني طلائع اليوم ،أمل الوطن وعدة المستقبل، وتقدم وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل مساعدات مختلفة للمحتاجين، بناء على دراسة اجتماعية، فمنها ما يكون بشكل ضمان اجتماعي ثابت، أي بصفة شهرية ومنها مساعدات في حالة الكوارث الطبيعية بشكل إعانة للمتضررين ولقد بلغ عدد الحالات المستفيدة من المساعدات المختلفة في هذا العام8799 حالة، وبما أن توفير السكن المناسب للمواطن من المطالب الملحة حقا ، فقد اتفقت دائرة الشؤون على بناء 500مسكن في مسقط ومطرح، و500مسكن في كل من نزوى وصحار وصور، و500مسكن في صلالة والبر يمي ، على أن يتم ذلك في مدى 5سنواي أي لحطة خمسيه، أما مساكن ذوى الدخل المحدود فسوف تشيد وحدات كبيرة منها في ولاية صور،والبريمي ،وصخب،وبخا،بمعدل100وحدة في كل من هذه المناطق،و400وحدة في منطقة العاصمة على إن يتم تسليمها في العام القادم إن شاء الله .إن ألوفا من قطع الأرض قد خططت ووزعت عليا لمواطنين سواء في منطقة العاصمة أو في الولايات المختلفة و العمران يمتد ويتسع ، والتخطيط لتوزيع المزيد من الأرض مستمر ذلك أنة لابد من تخطيط مدروس يميز بين المسكن و المصنع ، بين المدرسة والسوق ، حتى يأتي البناء المناسب في الأرض المناسبة ، ويسهل بالتالي تقديم الخدمات المدنية التي هي من ضرورات المسكن الحديث.
إن توزيع الأراضي على المواطنين يتم عبر ستة أقسام رئيسية هي قسم توزيع الأراضي، قسم السجل العقاري ، قسم المساحة ،ودائرة تخطيط المدن، اللجنة القضائية ،واللجنة الفنية ،ولكل من هذه الأقسام اختصاصات معينة، وكلها تهدف إلي تنظيم التوزيع وصيانة ملكية المواطن وتحديد أرضة دفعا لما قد يحدث من مشاكل .أيها الإخوة المواطنون..إننا منذ بداية عهدنا رأينا إن الحركة التجارية تتم بصورة اجتهادات فردية في أسواق تقليدية دون قوانين وبمعزل عن التوجيه والرعاية ولم يكن الحال بالنسبة للصناعة أفضل من التجارة حيث كانت بعض الصناعات اليدوية البداية في البلاد هي كل شيء ولا يخفى أن الاقتصاد هو عصب الدولة وأهم أسباب قوتها وتقدمها،لذا وجدنا أن نواجه التوسع الهائل في الحركة التجارية خلال السنوات الأربع الماضية بإنشاء وزارة التجارة و الصناعة فحجم التبادل التجاري في عام 1970 كان 8 ملايين ريال عماني ،وارتفع في نهاية 1974 إلى 136 ألف مليون ريال عماني ، هذا التطور الكبير حدا بالمديرية العامة للتجارة أن تنظيم دوائرها على النحو التالي :ــ دائرة التجارة الداخلية.ــ دائرة شؤون الشركات.ــ دائرة السجل التجاري.ــ دائرة شؤون المنتجات النفطية.ــ دائرة العلاقات التجارية.ــ مكتب مقاطعة إسرائيل.
كما نُظمت المدرية العامة للصناعة كما يلي :ــ دائرة المواصفات ومراقبة الجودة.ــ دائرة إدارة المشاريع الصناعية.ــ دائرة دراسة المشاريع الصناعية.ــ دائرة الصناعات المهنية.إذن لم يعد الأمر ارتجالا كما كان سابقا أو اجتهادا فرديا ولم يعد ذلك السوق التجاري الخامل يتعامل بالمقايضات ويزاول الحروف التقليدية فقط، فقد أصبحنا نعيش حياة العصر، نسير خطانا بناء على معطياته.أيها المواطنون:عُمان العزيزة تزخر بالخير، وخيراتها ملك لشعبها الأبي، وإذا كانت عائدات النفط هي المصدر الرئيسي لدخلنا في الوقت الحاضر فإننا ندرك أن لدينا مصادر أخرى وفيرة لابد من استثمارها لندفع عجلة التنمية والتطور بالسرعة التي نرجوها لهذه البلاد ومن هذا المنطلق استحدثنا في العام الماضي وزارة الزراعة والأسماك والنفط والمعادن لتقوم بخدمات الأبحاث الزراعية والمائية وأبحاث تربية المواشي وأبحاث التربة، لرفع مستوى المزارع العماني وربطه بأرضه الحبيبة إضافة إلى الأبحاث في وقاية المزارع والحيوانات من الأمراض والآفات التي قد تصيبها.وفيما يتعلق بالثروة السمكية فإن الهدف هو توفير التسهيلات لزيادة عرض السمك للاستهلاك المحلى، وتوفيره للمواطن بأسعار مناسبة ليساهم في خفض تكاليف المعيشة ثم تصديره للخارج ليساهم في رفع مستوى دخل السلطنة.أما النفط مصدر دخلنا الأساسي حاليا فقد عملنا على عمليات التنقيب والكشف عما تخزنه أرضنا الحبيبة من النفط، وتم التعاقد فعلا مع عدة شركات أجنبية للقيام بذلك.وبما أن الحكومة أصبحت تملك %60 من شركة تنمية نفط عمان، فقد تم تمثيل الوزارة في إدارة الشركة ونحرص على الاستفادة من الغاز الذي يصاحب عمليات الاستخراج -أي استخراج النفط- والذي كان غير مستغل لكي نستفيد منه في تصنيع الأسمدة الكيماوية..
والى جانب ذلك فان الأبحاث عن احتمال وجود العديد من المعادن كان مشجعا وسوف يبدأ العمل قريبا إن شاء الله، في تصنيع النحاس، ثم تصنيع غيره من المعادن التي قد توجد إن شاء الله.وبعون الله ستكون خطتنا الخمسية القادمة تعبيرا عن إرادة العمل البناء، استهدافا للرفاهية والازدهار والتقدم.أيها الإخوة:إننا شعب مسلم يعتز بإسلامه وإيمانه، ولذا نضع تعاليم ديننا فوق كل اعتبار، ونستلهم من رسالة السجد ما ينير طريق حياتنا، ويضئ درب تقدمنا، إن الشؤون الإسلامية هي النبراس الوضاء الذي نحرص كل الحرص أن تشرق أنواره في جوانب أنفسنا، وعلى ربوع بلادنا، وهذا الحرص يتجسد في عنايتنا بالناحية الدينية في تعليمنا وتعاليمنا سواء كان ذلك في المدارس أو في الثكنات أو على صعيد المستوى الاجتماعي في بلادنا.
إن هذا واجب ديني لا مجال للقول فيه، وتعرفون جميعا ما قامت به وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية امتثالا لأوامر الدين الحنيف وتطبيقا لتعاليمه السمحة، اللهم أعنا في ديننا ودنيانا ووفقنا لما فيه رضاك.أيها الإخوة:وسعيا منا لتحديث جهازنا الإداري في الداخل تمشيا مع ركب التقدم وخدمة للمواطنين في جميع ولايات السلطنة، فقد تم إنشاء مبنى جديد لوزارة الداخلية يهيئ الجو الصالح للعمل ويتيح للموظف أن يقوم بواجبه كاملا كما تم إنشاء مبنى آخر لاستقبال الولاة وشيوخ القبائل ومن معهم من المواطنين من مختلف المناطق بعمان الذين يفدون إلى العاصمة في مهام رسمية، وفي نفس الوقت نهتم بالحفاظ على مآثرنا وتراثنا، من خلال اهتمامنا بترميم الحصون والقلاع التاريخية تماما كما نشيد المباني الحديثة للولاة..وبما أن الإنسان العماني هو هدفنا أولا وأخيرا، فقد اعددنا برنامجا تدريبيا للولاة ونوابهم شمل 20 بهدف الاطلاع على مفاهيم الإدارة الحديثة ومدى الاستفادة منها، برفع مستوى الإدارة المحلية في السلطنة، وسوف يتبع هذا فوج آخر من الولاة ونوابهم.لقد أنشأت الوزارة مبنى جديدا لدائرة شؤون البلاد ليسهل اتصالها بالدوائر البلدية المختلفة، فالوزارة تشرف على 12 بلدية في السلطنة حاليا، وهي في نزوى، وصحار، وصور، وسمائل، والرستاق، وعبري، والبريمي، ومصيرة، وخصب، وابرا، وفنجا وبدبد، بالإضافة إلى بلدية منطقة ظفار، وبلدية منطقة العاصمة.
وقد تم إنشاء وحدات نظافة في كثير من الولايات للقيام بعملية النظافة لتكون نواة لبلديات ثابتة في المستقبل إن شاء الله.وكذلك أنشئت عدة أسواق حديثة، وتأسست مجالس بلدية في العديد من الولايات.أيها المواطنون:ومن المفهوم أن الناس سواسية كما علمنا ديننا، وانه لفرق بين المواطنين في الحقوق والواجبات، وان أكرمكم عند الله اتقاكم، فإننا نحرص كل الحرص على إقامة العدالة الاجتماعية وفق تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف وشريعتنا السمحاء، ولذا فقد نظمت وزارة العدل دوائرها في ضبط وتسجيل الصكوك والدعاوي والأحكام كما إن محكمة الاستئناف تعقد بين وقت وآخر في الولايات المختلفة إذا استدعى الأمر، لفصل الأحكام في المناطق التي يوجد فيها الخلاف. ولان السلطة التشريعية قد فصلت عن السلطة التمثيلية، أصبح من مسؤولية وزارة العدل إنشاء محاكم وبيوت للقضاة في الولايات وقد تمت فعلا إنشاء بيوت للقضاة في من بدبد، البريمي، شناص، دبا، مزودة بالماء والكهرباء تمشيا مع متطلبات العصر، كما ستشيد بناية مستقلة لمكاتب الوزارة في مجال التوسع والتطور إضافة إلى بيت يشيد في مسقط ليكون مقرا للقضاة في حالة استدعائهم في مهمة تتعلق بأعمالهم ويهمنا دائما أن تسود العدالة كل أفراد الشعب وأن يكون الإنصاف شاملا كاملا لكل المواطنين.أيها الإخوة:يطيب لي أن أتحدث إليكم الليلة في هذه المناسبة العزيزة. مناسبة احتفالنا بعيدنا الوطني الخامس، ذكرى انتقالنا من فترة تاريخية باتت من تاريخ الماضي إلى مرحلة تاريخنا الحديث أن أتطرق إلى سياستنا التاريخية وعلاقتنا الدولية من خلال انجازات وزارة الخارجية.كلنا نعرف كيف كنا قبل يونيو 1970 وكلنا نعرف أين أصبحنا اليوم في نوفمبر 1975 ، 5 سنوات مضت نحتفل اليوم بمرورها ونستعرض مرحلة التحول الكبير في تاريخ هذه الأمة العريقة، وما تم على الصعيد الداخلي، أوجزناه لكم، أما على صعيد العلاقات الدولية فاني سعيد جدا أن أقول أن عمان اليوم تشارك في معظم المنظمات والمؤتمرات الدولية سواء أكانت تحت إشراف الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة أو تحت إشراف منظمات عربية أو إسلامية أو دولية أخرى، ولقد تمت زيارات للأشقاء والأصدقاء قمت بها شخصيا، وكانت مؤتمرات شاركت فيها باسم عمان إثباتا لوجودنا الفعال في هذا الجزء من العالم.إننا ننتمي إلى الأسرة الدولية نحدد سياستنا بمنتهى الوضوح، يد تبني بالداخل ويد تمتد بالخير والعطاء والمشاركة الفعالة في أحداث العالم وتطوراته.
أيها المواطنون:
في الداخل والخارج لابد من كلمة صادقة، من خبر صحيح، من صورة مشرفة تنقل ما يدور على ارض عماننا الحبيبة وتعكس الأعمال الجسام والآمال الكبار لشعبنا. هذه الكلمة الصادقة وذلك الخبر الصحيح يدخلان إلى بيتنا وبيوت غيرنا بدون إثارة ولا تهويل، بدون ضجة ولا إزعاج نحن نريد أن نعرف أنفسنا ويعرفنا العالم،كما نحن تماما، ويهمنا كثيرا أن يعرف المواطن العماني بالذات ملامح مسيرته الظافرة التي حققها بعزمه إرادته، وتعاونه مع حكومته، فهو أولا وأخيرا جهاز إعلامي حي تؤيده الانجازات العظيمة التي يراها بأم عينيه على ساحة وطنه الغالي.أيها الإخوة:إن وزارة الإعلام والثقافة هي المرآة التي تعكس منجزاتنا وتطورنا ويسعدني أن أقول أن التلفزيون العماني اليوم بدا إرساله أيضا في المنطقة الجنوبية ليغطي مساحة جديدة من هذا الوطن الحبيب ويساهم إلى جانب تلفزيون العاصمة في إسعاد وتثقيف المواطن ونقل الصور الحقيقية لحياته الجديدة وآماله المرتقبة.إننا على طريق التقدم سائرون وخطتنا المقبلة هادفة طموحة وأجهزتكم الإعلامية المختلفة وقد نمت وترعرعت كفيلة بأن تنقل إليكم أينما كنتم قصة شعب آمن بوطنه واتخذ مساره بوعي وتفهم ولم يرض عن حياة العز والكرامة بديلا.أيها المواطنون:من خلال استعراضنا لجهاز الحكومة ننتهي إلى أن وزارة الأشغال العامة بإداراتها المختلفة هي المسئولة عن تنفيذ كل مشاريع الوزارات الأخرى.فكل مشروع نفذ في أي وزارة كانت، نجد أن وزارة الأشغال العامة هي التي أشرفت على تنفيذ حتى وزارة شؤون ديواننا السلطاني التي تكمل ما تعجز عنه ميزانية بعض الوزارات استكمالا لخطة البناء والتعمير ودفعا بعجلة التطور والتنمية، توكل ببعض مشروعاتها إلى وزارة الأشغال كذلك، وإننا إذ نأمر ديواننا بالمضي قدما في سد الثغرات المالية، إنما ننطلق من مفهوم أن الخير خير عمان وان الكل في خدمة عمان.
أيها الإخوة:إن المنجزات التي أتحدث عنها اليوم إليكم ما هي إلا الخطوط العريضة والعلامات البارزة الملموسة على طريق النهوض ببلادنا، أما التفاصيل والأرقام والمعدلات فان المسؤولين في الوزارات المختلفة سيحدثونكم عنها بإسهاب من خلال التلفزيون كل في دائرة مسؤوليته.ومهما حاول البعض أن يشكك في قدرتنا المالية وفي كفاءة جهازنا الحكومي فإننا نقول للأصدقاء اطمئنوا فنحن بخير، وقد تضاعفت ميزانيتنا منذ عام 1970 اثنتي عشر مرة كما يعرف الجميع، أما الأعداء الذين يسوؤهم تقدمنا فنقول لهم:{موتوا بغيظكم فان الله عليم بذات الصدور}عيدكم مبارك وكل عام وانتم بخير، الله معنا {وكفى بالله نصيرا}
وفقكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

وردة السلطان قابوس

تخليداً للسجل المشرف لجهود صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ــ حفظه ‏الله ــ من أجل تقدم ورفاهية شعبه ولمساهمة جلالته على الصعيد الإقليمي والدولي ، ولعناية ‏جلالته بالبيئة ودعمهُ لحقوق الإنسان ، فقد تم إطلاق إسم جلالته على زهرة من سلسلة جديدة ‏أصبحت تعرف بإسم " وردة السلطان قابوس " ،
وقد أتى ذلك بمبادرة من جمعية الورود ‏العالمية (مقرها هولندا) وذلك كتقدير عالمي لجلالته وإعترافاً بإسهاماته الشخصية على الصعيد ‏المحلي والدولي . ‏ وقد قام الإتحاد الدولي للزهور بتقديم الزهرة رسمياً إلى جلالة السلطان قابوس بن سعيد ‏المعظم ــ حفظه الله ــ في إحتفالات العيد الوطني العشرين في نوفمبر 1990م . ‏ والوردة يه خلاصة أبحاث مطولة إنهمك فيها العلماء لإستنباط صنف جديد من الورود ‏التي تتميز ببهاء لونها وزكاء رائحتها وطول ساقها ، كما تستطيع أن تزهر في الأجواء الحارة ‏والباردة . ‏ وظهرت هذه الوردة رسمياً لأول مرة في إبريل سنة 1990م في معرض أوساكا للحدائق ‏باليابان ، حيث حصلت السلطنة على أهم ثلاث جوائز ، وهي الميدالية الفضية والبرونزية ‏بالإضافة إلى جائزة الصداقة الدولية بالمعرض ، وقد نالتها تكريماً للمشاركة الفعالة وتقديراً عالمياً ‏لعُمان كجهد وحضور متميز وكموقف وسمعة عالمية . ‏ ومما يعطي الجوائز أهميتها كونها جاءت شهادة من لجنة التحكيم الدولية التي تضم خبراء ‏محايدين من ثماني دول . ‏ وقد خطفت الوردة الأنظار في معرض تشلسي للزهور بلندن في مايو 1990م لروعة لونها ‏الأحمر القاني والرائحة الزكية والأهم من ذلك قدرتها على النمو والتفتح في البساتين العربية ‏والأوروبية على حد سواء . ‏ وقد تم الإحتفاء بالوردة من خلال إصدار الطوابع والبطاقات البريدية والإشتراك في ‏المعارض الدولية المتخصصة وذلك كرسالة محبة عُمانية إلى العالم . ‏

خطاب تسلم زمام الحكم 23/يوليو/1970م

خطاب صاحب الجلالة السلطان إلى الشعب يوم تسلمه زمام الحكم
‏ بسم الله الرحمن الرحيم
إني أعدكم أول ما أفرضه على نفسي أن أبدأ بأسرع ما يمكن أن أجعل الحكومة عصرية وأول ‏هدفي أن أزيل الأوامر غير الضرورية التي ترزحون تحت وطأتها.
‏ أيها الشعب : ‏ سأعمل بأسرع ما يمكن لجعلكم تعيشون سعداء لمستقبل أفضل وعلى كل واحد منكم المساعدة في ‏هذا الواجب.‏ كان وطننا في الماضي ذا شهرة وقوة وإن عملنا بإتحاد وتعاون فسنعيد ماضينا مرة أخرى ‏وسيكون لنا المحل المرموقع في العالم العربي , وإني متخذ الخطوات القانونية لتلقى الإعتراف ‏من الدول الخارجية الصديقة وإني أتطلع إلى التأييد العاجل والتعاون الودي مع جيراننا وأن يكون ‏مفعوله لزمن طويل والتشاور فيما بيننا لمستقبل منطقتنا.‏ إني أستحثكم الإستمرار في معيشتكم المعتادة وإني سأصل إلى مسقط خلال الأيام القليلة القادمة ‏وهدفي الرئيسي ما سأخبركم به.‏ شعبي.. إني وحكومتي الجديدة نهدف لإنجاز هدفنا العام..
كان بالأمس ظلام ولكن بعون الله غدأ ‏سيشرق الفجر على عُمان وعلى أهلها, حفظنا الله وكلل مسعانا بالنجاح والتوفيق.‏ قابوس بن سعيد سلطان عُمان

رحلة إلى عقل السلطان قابوس!

ترتبط الزعامة في العالم الثالث وفي عالمنا العربي علي وجه الخصوص بالصياح، والخُطب الرنانة، وإثارة مشاعر الهياج لدى الجماهير، ومخاطبة عواطفها الساذجة، والدخول عُنوة إلى مركز صناعة القرار الهستيري الذي يجعل الجماهير تحارب طواحين الهواء دون أن تكون هناك معركة.
قلة نادرة من الزعماء اختارِت طريقا وَعْرْاً وشاقا وصعبا فهو مجازفة إذا رفضت الجماهير صوت العقل، وتململت من الهدوء، وضاق صدرها بلغة التسامح المناقضة والمناهضة للهوس الجماهيري في كل مكان وزمان يتجمع فيه الناس حشودا كأنهم في ساحة رومانية ينتظرون مصارعة البطل مع الأسود الجائعة، أو مع الثيران في عصرنا الحديث، خاصة في إسبانيا.
انحازت الجماهير لمهاتير محمد فقد رأت فيه مستقبلها وأحلامها وتطور بلدها وحكمة زعيمها.
وانحازت الجماهير لنيلسون مانديلا رغم أن صوته الخافت يكاد لا يصل إلى الملايين التي ترقص وتقرع الطبول وتبحث عن لقمة خبز لعشاء أولادها.
يصنع الزعيمُ دولةً أو تصنع الدولةُ الزعيمَ، تلك هي معضلة الحكم في كل مكان وزمان.
في عجالة قد تخل بأهمية الرحلة إلى عقل رجل تتفاعل داخله أحلام لا يدري المرء إنْ كانت نتيجة طبيعية لقدرته على النفاذ لخيالات الجماهير فيقرأ أحلامها أم هي تفاعلات كل مراحل النضال بدءا من توحيد شبه دولة منقسمة ومتفرقة وشاسعة المساحة وشديدة الفقر وهامشية أو غير موجودة لدى صناع القرار الدولي، وليس انتهاء بدولة عصرية عمرها القابوسي ست وثلاثون سنة!
ماذا يدور في عقل هذا الرجل؟
عاشق لعُمان كأنه في حالة حب وهيام لا تفرق بين كل تضاريس محبوبته، فعبري كصلالة، ونزوى كمسقط، وجبالها كوديانها، وبَدّوُها كحَضَرِها، وأغنياؤها كفقرائها.
ليس لديه وقت للابتسامة فالتطور ساحة حرب، والنهوض بالدولة معركة شائكة ضد هوى النفس فيعز على الابتسامة أن تبقى على المُحَيّا لثوان معدودة فيتذكر صاحبها أنه في ساحة الوغى، وأن حلم الشاب الأسمر وهو يتأمل منذ أربعة عقود من فوق جبل مشهداً قادما لم يتحقق كله بعد رغم أن المنصف المشاهد العقلاني والواقعي لا يتردد في الاعتراف بأن ما قام به السلطان قابوس بن سعيد معجزة بكل المقاييس.في خطابه الأول في التاسع من أغسطس عام 1970 يضع السلطان قابوس يده على أساس توحيد الأمة، ويكبر وهو ما زال شابا يافعا لم تبرد البندقية في يده بعد:
تتجه أفكارنا إلى اخواننا الذين أجبرتهم ظروف الماضي التعس إلى النزوح خارج الوطن.
أما الذين لم يكونوا موالين لوالدي في الماضي أقول: عفا الله عما سلف .. عفا الله عما سلف.
العظماء فقط هم الذين يبنون أوطانهم على التسامح، وهم الذين لا يفرقون بين مواطني الداخل ومواطني الخارج.
صورة المجتمع العماني في أول كلمة لزعيمه، فماذا كانت النتيجة؟
تحققت فعلا دولة التسامح، وعندما ضرب الارهاب والتطرف والطائفية دولا عربية قريبة من سلطنة عمان أو بعيدة عنها، لم يتمكن هذا الداء الخبيث من الاقتراب أو لمس الثوب العماني الطاهر، فالطائفية منبوذة، والتطرف سيجد حسما وصرامة ورفضا من الناس قبل قائدهم، والارهاب سيصطدم بأبواب موصدة ولو تسلل خفية فلن يجد عمانيا بانتظاره.
القائد الحر يسعد عندما يحكم شعبا حرا، أما المستبد فَيَوّد، كما يقول عبد الرحمن الكواكبي في كتابه ( طبائع الاستبداد ) أن تكون رعيته كالغنم درا وطاعة.
يقول السلطان قابوس في نفس الخطاب:
أولى الممنوعات التي أمرنا برفعها، إنني أرغب أن يكون مواطنو هذه البلاد أحرارا في التنقل في داخل البلاد والسفر إلى خارجها بدون قيود.
هنا تظهر عبقرية الفكر القيادي للسلطان قابوس بن سعيد، فهو يرفض أن يحكم شعبا غير حر، وأناسا لا يغادرون وطنهم إلا بتصريحات من صاحب الأمر والنهي.
كيف تمكن هذا الرجل من صناعة الحلم، ثم تَبنّيه، ثم الوقوف في مكان مجهول للعالم كله، وفيه نقص في الأموال والخيرات والثروات والمياه ليعلن منذ اليوم الأول لحُكمه بداية انشاء دولة عصرية داخل دولة لا تشكل ملامح واضحة، بل داخل أركانها الأربعة تقف ثلاث مدارس فقط تشهد أن عصر ما قبل قابوس كان مخاصما للعلم ومعاديا للتقدم ومستأنسا للوحدة والعزلة والسقوط من ذاكرة التاريخ وخرائط الجغرافيا؟
لكن السلطان قابوس كان يعلم أن لحلمه شروطا قاسية للتحقيق، وأن توحيد الوطن لن يكون كاملا قبل أن تصبح ظفار كمسقط تماما، تسيران جنبا إلى جنب في دولة موحدة لا يفرق قائدها بين منطقة وأخرى، وأن تَسَلُّط القوى الغريبة والأجنبية على مقدرات الشعب في ظفار لن يستمر طويلا.
في العيد الوطني الثاني يُظهر السلطان قابوس قدرَتَه على رسم المشهد العماني المتفائل قبله بسنوات طويلة، فبعد أن تحدث عن التواضع كَسِمَةٍ مميزة للعمانيين، يقول بأنه لابد من وقفة نحاسب فيها النفوس ونراجع الأمور.
رجل يعرف أن العظماء فقط هم الذين يتوقفون بين ألفينة والأخرى، ولا تأخذهم العزة بالمنصب، فيحاسب نفسه، ويراجع مواقفه، ويعيد مشاهدة ما حققه قبل أن يطلق عليها انجازات ومكتسبات.
وهنا، وبعد مرور عامين فقط يطلق السلطان قابوس زفرة ألم شديدة وموجعة وهو يقول بأنه يرى من بيته الصغير في صلالة المشهد الأكثر تأثيرا، فكان همه الأول واهتمامه الأكبر في التعليم .. والتعليم .. والتعليم ولو في ظل شجرة وفقا للتعبير الذي استخدمه السلطان قابوس نفسه.
وحتى يقطع الطريقَ على أيّ مناقشات وجدال وحيرة عن متطلبات الدولة الناشئة في المجال التعليمي يصرحُ منطلقا من أكثر الأفكار إيماناً والتصاقا بالعلم وأسباب التقدم بأنه يغض الطرف عن المتطلبات، فالمهم هو التعليم.
لو جاء محلل سياسي وتربوي ومؤرخ ودارس للعلوم الانسانية وعالم بثقافات الشعوب وتطورها وشروط النهضة، ثم حَجَبْتَ عنه أربعة وثلاثين عاما، وتركته يستشف ويتنبأ ويرسم صورة لسلطنة عُمان من خلال العامين الأولين فإن الاحتمال الأكبر هو نجاحه في رسم الخط البياني لتطور تلك النهضة العمانية المباركة.
في العام الثالث وفي افتتاح مجمع الوزارات يضع السلطان قابوس يده على الداء في العالم الثالث برمته، ويقرر انسحاب سلطنة عُمان من تلك الفوضى في التطور التي ميزت تجارب دول كثيرة فيقول: إن أي عمل لا يقصد به المصلحة العامة ولا يقوم أساسا على خطة مدروسة هو عمل معرض للفشل وضياع الوقت والجهود ومن هنا كان تركيزنا على وضع الخطط والقيام بالتجارب في شتى ميادين العمل من أجل بلادنا.في العيد الوطني الثالث تبدو نبرة حزن في أحاديث السلطان، لكنه لا يفقد رباطة الجأش، وتظل كلماته مهذبة ووديعة ولو أخفت جبالا من الأسى والغضب.إنه لا يهاجم بضراوة هؤلاء الذين تم تضليلهم، بل ويفترض أنهم أبرياء، ويستخدم في وصفهم احتراما لهم ما يطلقون هم أنفسهم على حركتهم ( جبهة تحرير عُمان والجزيرة العربية )، ويكرر من موقع قوة بعدما التف شعبه حوله بأن الله عفا عما سلف.
أخلاق رفيعة ليس لديها وقت للتوقف عند لحظات الغضب لدفعه في اتجاه كراهية الآخر، إنما هي مسؤولية قائد يدعو خصومه للتوحد في وطن واحد هو في حاجة إليهم جميعا.
قائد يحفظ لخصومه عزة النفس والكرامة، فيطلب منهم أن يساهموا لنيّل شرف الواجب تجاه الوطن.
هل كان يخفى على قائد مثل السلطان قابوس أهم شروط النهضة العمرانية والوحدة الاقليمية وربط البلاد كلها في تناغم جغرافي يتحدى قسوة الطبيعة التي فصلت أبناء البلد بوديانها وصحرائها وجبالها الشاهقة وطرقها الوعرة ؟
قطعا لا، فالسلطان قابوس كان يعرف أن التحدي الأكبر يبدأ من هنا .. من صناعة شبكة مواصلات وتعبيد الطرق وانفاق أموال طائلة ولكن بحساب دقيق لتسهيل طُرق الاتصال وجعل الوطن الكبير في مساحته أكثر سهولة ويسرا في الانسياب الطُرقي ، وادخال مشاعر المواطنة في مساحة جغرافية لا يبتعد جزء فيها عن الآخر زمنا
ولو باعدت بينهما المسافات مكانا!
في العام الثالث لا ينسى السلطان أن عُمان دولة تطل على الماء، وأن الأفق تَبين فيه ملامحُ ملوحة من بحر لا نهائي. إنه محيط وبحر وخليج. إنه نافذة تطل على العالم وتدعو إلى التعرف على دولة كان أسطولها البحري في زمان الأزمنة يجوب البحار، ويخيف الأعداء، ويأتي بالثروات السمكية، ويقف بالمرصاد لمن يتربص بتلك الدولة الكبيرة قبل أن تستكين، وتبيت بياتا طويلا، ويبحث عنها مؤرخو المنطقة فتبهت صورتها في أذهانهم وأقلامهم كأن الماضي ابتلعها في جوفه.
في العام الثالث يقرر السلطان قابوس بن سعيد اعلان سلطنة عمان دولة بحرية كما كانت، وتقارب المرحلة النهائية من ميناء قابوس على الانتهاء، ويعمل العمانيون على ضلعين آخرين يطلان على اللانهائي .. أي نافذة البحر فيستقبل ميناء ريسوت البواخر الكبيرة، ويتم تحسين ميناء صور.
في العام الثالث تحمل النهضة الوليدة تحديا جويا يماثل مطار السيب الدولي بمطارات العالم الكبيرة.
في الجانب الآخر يراقب الماركسيون بأيديولوجياتهم المنادية بالمساواة تطبيق أفكار لم تدر بذهن أي منهم، فقائد الثورة لا يفرق بين صغير وكبير، وبين غني وفقير، ويقول السلطان قابوس: ... فالمساواة تفرض أن يكون الكل أخوة في ظل العدالة الاجتماعية الاسلامية والميزة والتفاضل بمقدار الاخلاص والكفاءة في العمل المثمر البَنّاء والكل مدعوون إلى التنافس الشريف في خدمة هذا الوطن العزيز.
مفاجأة لم تكن في الحسبان، وتم سحب البساط من تحت أقدام أفكار تريد أن تستبدل بواقع خيالا لا يستطيع كارل ماركس أن يُطَبقه ولو قاد جبهة تحرير عُمان من عدن بمساعدة لينين نفسه!
السلطان قابوس يبشر بالمساواة والعدالة وحقوق العمال ولكن من منطلق إيماني بالرسل والأنبياء، وبتوكل على الله، العلي القدير، فالدين هنا يحمي النهضة، ويساند ثورة رجل مؤمن بمقدرات شعبه.
الدين هنا لا يخدم رجعية كما صورتها وسائل الاعلام آنئذ القادمة عبر الأثير، وهو ليس أفيون الشعب، لكنه دافع للثورة والتطور والمساواة والعمل على عدالة اجتماعية قائمة على تكريم إنسان كرمه الله.
الانسان العماني الطيب يريد أن يعرف موقف قائده من الصراع العربي/الصهيوني بعدما شككت قوى المناوئة في استقلالية القرار العُماني.
هنا يُطَمْئِن السلطان قابوس أبناءَ شعبه أن الحق لا يتجزأ، وأن من يبحث عن استقلالية وطنه لا يمكن إلا أن يكون مع الاستقلال في كل مكان.
ثم يقول: إننا جزء من الأمة العربية تربطنا وحدة الهدف والمصير قبل أن يجمعنا ميثاق جامعة الدول العربية.
ويؤيد السلطان قابوس استعادة جميع الأراضي العربية التي اغتصبها العدو بالقوة والغدر والارهاب.
وفي العيد الوطني الرابع يقطع شكوك القوى المناوئة في الخارج التي تزايد على وطنية القرار العُماني، فيؤكد مشاركة الشعب العماني في معركة الأمة العربية ضد العدو الصهيوني، ويفجر طاقة الفخر لدى العمانيين أنهم شاركوا في المعارك ضد العدوان الصهيوني.
المعارك التي خاضتها القوى الماركسية في الجنوب ضد حكم السلطان قابوس لم تمنعه من التحرك في اتجاهين يُسْكِت كل واحد منهما مزايدات الثوار.
الاتجاه الأول وهو تأكيد هوية العُمانيين دينيا وعربيا وعُمانيا، والثاني عدم اعطاء الفرصة لخصوم سلطنة عمان لتعطيل أي مرحلة من مراحل النهضة بحجة أن قوى البلد المالية والنفطية والسكانية مجندة لحساب معركة الثأر مع العدو، فهي في الحقيقة معركة التنمية.
في العيد العاشر يصارح السلطان شعبه بحقيقة كانت غائبة عن الكثيرين وهي أن الدولة كانت عندما بدأت النهضة فقيرة إلى حد مدقع، لكنها غنية بالأحلام والارادة الصلبة والعزيمة القوية.
موارد مالية قليلة لا تكفي لايقاظ دولة غابت عن العالم زمنا طويلا. معارك في الجنوب تستنزف مدخرات قليلة من ميزانية متواضعة لدولة شبه فقيرة. ألم أقل بأن العظماء فقط هم القادرون على تحقيق أكثر الاحلام ايغالا في المستحيل؟
في العيد العشرين يقف السلطان قابوس أمام شعبه بكل تواضع ويتحدث رغم المعجزة التي حققها بأن الطريق طويل، وأن الانسان هو غاية التنمية.
في العيد الثلاثين يعلن هذا القائد العاشق لعُمان وشعبها وأرضها وترابها وسمائها ومائها وخامة الطهارة النقية في أصالة أبنائها أنه قد تم توطيد أركان الدولة العصرية.
مسيرة تستدر من العيون دموع الفرح، ولا يزال السلطان قابوس بن سعيد يحلم .. ويحلم .. ويحلم ، وتكبر بلده كلما حقق واحدا من أحلامه.

قابوس اهتماماته و هواياته

لعل اهتمام السلطان قابوس بدفع عمان إلى حالة متقدمة من المعاصرة مع الإبقاء على الأصالة العمانية التقليدية بحيث لا تفقد عمان هويتها ، وفي إطار ذلك يكون اهتمام قابوس بالثقافة هو الشيء الأبرز، و الذي ترك آثاره الواضحة في عمان، فبفضل قراره أصبح لدى السلطنة أوركسترا سلطانية من عازفين و عازفات على مستوى عالٍ من التدريب.
كما رعت مؤسسات الدولة مشروعاً ضخماً لتوثيق
تاريخ عُمان منذ فجر التاريخ، و مشاريع ثقافية أخرى كثيرة.
وللسلطان قابوس اهتمامات واسعة
بالدين واللغة والأدب والتاريخ والفلك وشؤون البيئة، حيث يظهر ذلك جليا في الدعم الكبير والمستمر للعديد من المشروعات الثقافية، وبشكل شخصي، محليا وعربياً ودوليا، سواء من خـلال منظمة اليونسكو أم غيرها من المنظمات الإقليمية والعالمية.
ومن أبرز هذه المشروعات على سبيل المثال لا الحصر،
موسوعة السلطان قابوس للأسماء العربية ، ودعم مشروعات تحفيظ القرآن سواء في السلطنة أو في عدد من الدول العربية، وكذلك بعض مشروعات جـامعة الأزهر، وجامعة الخليج وعدد من الجامعات والمراكز العلمية العربية والدولية، فضلاً عن (جـائزة السلطان قابوس لصون البيئة) التي تقدم كل عامين من خلال منظمة اليونسكو، ودعم مشروع دراسة طريق الحرير والنمر العربي والمها العربي و غيرها.
وعن هواياته يتحدث السلطان فيقول: منذ طفولته كان يهوى
ركوب الخيل ، فيذكر أنه قد وضع على ظهر حصان وهو في الرابعة من عمره، ومنذ ذلك الحين وهو يحب ركوب الخيل ولهذا توجد الإصطبلات السلطانية التي تعنى بتربية وإكثار الخيول العمانية الأصيلة وإفتتح مدارس الفروسية التي تضم بين تلاميذها البنين والبنات، كما أن الرماية أيضاً من الهوايات المحببه له كونه تدرب عسكرياً ، ويؤكد أن هذه الهواية تعد جزءاً مهماً لكل من يهتم بالنشاط العسكري وعاش في مجتمع كالمجتمع العُماني الذي يعتز بكونه يستطيع حمل السلاح عند الضرورة ، كما يحب تجربة لكل ما هو جديد من أسلحة في القوات المسلحة العمانية، سواء كان ذلك السلاح بندقية أو مدفع رشاش أو مدفع دبابة، إلا أن الرماية بالمسدس والبندقية تبقى هي الأفضل بالنسبة له، وكذلك ـ كنوع من الترفيه ـ يستخدم أحياناً القوس والنشاب.
هناك هوايات أخرى كالمشي، فهو يحب المشي منذ الصغر، قبل الذهاب إلى النوم ويقضي وقتاً بالمشي على البحر فهو رياضة جيدة للجسم وفرصة للتفكير في شؤون الدولة، كذلك يهوى
التصوير، وكانت لديه هواية رسم المناظر الطبيعية في وقت من الأوقات، إلا أن الظروف والوقت أصبحا لا يسمحان له بممارسة هذه الهوايات، والقراءة أيضا كونها هواية قديمة بالنسبة له، إلا أنها أصبحت جزءاً من العمل، وأصبح من الصعب مطالعة الكتب كهواية إلا ما هو في مجال العمل والحياة اليومية.
وأيضاً فإن من الهوايات المحببة لديه علم
الفلك ومراقبة الكواكب، حيث يملك مرصداً صغيراً ، وعندما تكون الفرصة سانحة في الليالي المناسبة حسب النشرات الفلكية قهو يقضي بعض الوقت في مراقبة هذه الكواكب.
كما أنه يمارس لعبة
التنس، ويحب متابعتها، وكذلك ألعاب القوى.

قابوس المولد و النشأة

ولد قابوس بن سعيد في مدينة صلالة بمحافظة ظفار في 18 شوال 1360هـ الموافق 18 نوفمبر 1940 (1940-11-18) ، وهو ثامن سلاطين أسرة البوسعيد وينحدر من الإمام أحمد بن سعيد المؤسس الأول.
و في طفولته تلقى مبادئ
اللغة العربية و الدين الإسلامي على أيدي أساتذة مختصين كل في مجاله ، كما درس المرحلة الابتدائية في المدرسة السعيدية بصلالة، و في سبتمبر 1958م أرسله والده السلطان سعيد بن تيمور إلى إنجلترا حيث واصل تعليمه لمدة عامين في مؤسسة تعليمية خاصة هي مدرسة (سافوك) الشهيرة، ثم إلتحق في عام 1379هـ الموافق1960م بأكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية كضابط مرشح، حيث أمضى فيها عامين من عمره درس خـلالها العلوم العسكرية وتلقى فنون الجندية ، وتخرج فيها برتبة ملازم ثان، ثم انضم إلى إحدى الكتائب البريطانية العاملة آنذاك في ألمانيا الغربية - قبل الوحدة الألمانية - حيث أمضى ستة أشهر كمتدرب في القيادة العسكرية.
بعد أن أتم تلك الفترة الهامة ، والتي شكلت خبراته العسكرية للمراحل التي تلت، عاد إلى
بريطانيا حيث درس لمدة عام في مجال نظم الحكم المحلي، وأكمل دورات تخصصية في شؤون الإدارة وتنظيم الدولة. ثم هيأ له والدة الفرصة التي شكلت جزءاً من اتجاهه بعد ذلك، فقام بجولة حول العالم استغرقت ثلاثة أشهر، زار خلالها العديد من دول العالم، عاد بعدها إلى البلاد عام 1383هـ الموافق 1964م حيث أقام في مدينة صلالة.
وعلى امتداد السنوات الست التالية التي تلت عودته ، تعمق السلطان قابوس في دراسة الدين الإسلامي، وكـل ما يتصل بتاريخ وحضارة
عُمان دولة وشعباً على مر العصور. وقد أشار في أحد أحاديثه - القليلة - إلى أن إصرار والده على دراسة الدين الإسلامي وتاريخ وثقافة عمان ، كان لها الأثر العظيم في توسيع مداركه ووعيه بمسؤولياته تجاه شعبه العماني والإنسانية عموماً. كما أنه قد استفاد كثيراً من التعليم الغربي الذي تلقاه وخضع لحياة الجندية ولنظام العسكرية في بريطانيا ، ثم كانت لديه الفرصه في السنوات التي تلت عودته إلى صلالة لقراءة الكثير من الأفكار السياسية والفلسفية للعديد من المفكرين الذين شكلوا فكر العالم.